الكلمة المفضلة حالياّ عندي هي “افتراضات” .
هي طريقة ننظر بها للعالم ولذواتنا ونحسب أنها واقع وحقيقية ونأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قراراتنا. هي أحياناً تحررنا ولكن على الأغلب تحبسنا و تحدّ من جرأتنا وحركتنا. تبقى كذلك إلى أن نضعها تحت مجهر التساؤل والشك .
لكن ما الفرق بين المعتقدات و الافتراضات؟
حسب نانسي كلاين، المؤلفة الرائعة لكتاب “وقت للتفكير“، يعد كلاهما طريقة نفهم بها العالم، إلّا أن كلمة “معتقدات” تعني الإيمان المطلق بالشيء والتسليم له، بينما كلمة “افتراضات” تعيد القوة بين يديك لتتساءل وتفكر بحيث يكون هناك فسحة لطريقة أخرى ربما أفضل لرؤية الأمور. واللغة والكلمات لها قوة كبرى برأي نانسي ، لذلك فهي حريصة أشد الحرص عندما تعقد الجلسات التوجيهية مع متدربيها أن تسألهم أسئلة حول “الافتراضات” التي تقيدهم لحل مشكلة تواجههم. وبعد اكتشاف تلك الافتراضات التي يمكن أن تكون متعددة تحثهم على أن يختاروا أكثرها قوة في منعهم من السعي لما يريدونه. بعد ذلك يأتي دور نانسي التوجيهي بحيث تسألهم هل افتراضهم صحيح، ما الدليل لديهم؟ هل صحيح أنهم سيضحكون عليك إن قمت بالغناء أمامهم؟ هل صحيح أن والديك يفضلون أخاك عنك؟ هل صحيح أنك ستواجهين مشكلة لأن سيرتك الذاتية تتضمن فترة تفرغ للاهتمام بأطفالك؟
افتراضاتنا تمنعنا عن التفكير في حلول خلاقة. هي كحائط ضخم دون مخرج. لكن تلك الأسئلة تفتح نوافذ في هذا الحائط ليدخل النور إلى عقلك والأمل إلى قلبك. لعلك تبدأ التفكير من جديد عبر عدسة أخرى تلون لك حياتك بلون لم تره من قبل. وبعد رحلة حول مدى صحة الافتراض ، تطرح نانسي سؤالاً جديداً تستمده من الافتراض؛ تسميه السؤال الثاقب البصر أو القاطع وهو السؤال المحرر من الافتراض مثل: إذا كنت تعلم أن الجميع سيدعمونك ويصفقون لك بحرارة عند الغناء علناً ماذا كنت لتفعل؟ إن كنت تعلم أن والديك يحبونك كثيراً لكن يعجزون عن التعبير بطريقتك كيف كنت لتتعامل معهم؟ إن كنتِ تعلمين أنّ الفراغ في سيرتك الذاتية هو ميّزة عن غيرك ماذا كنت لتفعلي في المقابلة؟ إذا كنت تعلم أنك قادر كل القدرة على تحمل نتيجة المشروع الجديد مهما كانت، ما الخطوات التالية التي ستقوم بها؟ إن كنت واثق كل الثقة أنك ذكي ومبدع ولديك نظرتك الخاصة كيف كنت لتحل هذا الأمر ؟
كيف شعرتم عند قراءة هذه الأسئلة؟ هل دبّت الحياة في عروقكم؟ لأن هذا ما حصل لي. بدأت أتعلم حقاً أنه عندما أجد نفسي عاجزة عن أخذ الخطوة التالية في أي مشروع أو هدف ما يجب أن أبحث عن الافتراض الذي يقف في طريقي. يجب أن أسأل نفسي ما هو الافتراض الذي أصدقه والذي يمنعني عن فعل ذلك الهدف؟ الاعتراف بافتراضاتنا هو إنجاز بحد ذاته لأن ذلك يتطلب شفافية وصدق حقيقي وشجاعة. شجاعة أن نرى فيها بعضاً من الرسائل التي استلمناها في طفولتنا وكلام والدينا وأصدقائنا ينسج نفسه نحو افتراض يسيّر حياتنا كأنه حقيقة. هذه قوة الأسئلة حيث تحل هذه الأنسجة وتفكّها .
البحث عن الافتراضات واستبدالها بأخرى محررة هي طريقة حياة جديدة مشوّقة. فهل لنا أن نبدأ ؟